وا إسلاماه 16- نهاية قاهر التتار

الاستماع للمقالة:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جميعا. أبنائي طلاب وطالبات الصف الثاني الثانوي. يسعدني في موقعنا الذي يهدف إلى نشر العلم النافع بالمجان mr-mas.com الماس لتطوير الذات والتعلم الذاتي أن أقدم لكم قصة وا إسلاماه - الفصل السادس عشر . وا إسلاماه 16- نهاية قاهر التتار . ضمن منهج اللغة العربية. ترم تانى .

    وا إسلاماه 16- نهاية قاهر التتار

    والجديد والجميل في هذه الصفحة من صفحات موقع الماس لتكوير الذات والتعلم الذاتي بفضل الله هو عرض نص الفصل السادس عشر من قصه وا اسلاماه مكتوبا مع معاني الكلمات الصعبة بطريقة شيقة وجذابة. بحيث يتم الضغط على الكلمة وذلك للتوصل للمعنى أو المضاد أو المفرد أو الجمع وذلك للكلمة الملونة باللون الأحمر . وكذلك تم تحويل الفصل الخامس عشر وا إسلاماه 16- نهاية قاهر التتار على يد صديقه. إلى سؤال وإجابة للتمكن من تحليل كل النقاط المهمة في الفصل من قصه وا إسلاماه .

    نبدأ أولا بفيديو لملخص الفصل السادس عشر نهاية قاهر التتار . بالرسوم المتحركة (الكارتون cartoon) . اضغط هنا على هذا الرابط لبدء تشغيل فيديو الفصل السادسس عشر من قصة  وا اسلاماه. ضمن منهج تانيه ثانوي ترم تاني .

    ***

    الاحزان تحاصر قلب الملك المظفر:

    استطاع الملك المظفر إلى هذا الحين أن يكبت (يحبس) حزنة على زوجته الشهيدة منذ سمعها تقول له: "لا تقل: وا حبيبتاه... قل: وا إسلاماه ". فحبس دمعه واستمر منطويا على لوعته ما كان خطر التتار قائما فى بلاد الشام، فلما انتهى أمرهم بعد وقعة حمص وهرب الباقون منهم ناجين بأرواحهم إلى بلادهم، وأكمل هو تدبير بلاد الشام، وجعلها بأيدى من اصطفاهم من ملوكها وأمرائها ممن قاتل أو حسنت توبته، شعر بأنه قد قام بما أوجبه الله عليه من الصبر على مصيبته بفقد زوجته؛ لئلا يشغله الحزن عليها عن كمال الاضطلاع (النهوض، والقيام) بالأمر العظيم الذى عاهد الله على القيام به، فرجع إلى نفسه، وفكر فى مصابه، فإذا هو قد فقد سلواه (ما تطيب به نفسه) الوحيدة فى الحياة بفقد جلنار فانفجر ما كان حبيسا فى نفسه من الحزن إذ ضعف عن مغالبته، ولم يعد يقوى على احتماله، فسالت دموعه حتى تقرحت جفونه، وأظلمت الدنيا فى عينه، وضاقت عليه الأرض بما رحبت (اتسعت)، وجعل يتذكر مصرع جلنار، وكيف احتملها إلى المخيم، وكيف قالت له تلك الكلمة التى صرخ بها ساعة العسرة (الضيق، والشدة) فى الجيش، فكانت مفتاح النصر، ثم تذكر أنها لن تعود إلى مصر، ولن تشاطره فرح الناس بمقدمه ظافرا منتصرا تقام له الزينات والأفراح وتدق له الطبول، وترفع الأعلام وتنثر فى طريقه الأزهار والرياحين، وأنه سيأوى إلى قلعة الجبل وحيدا لا أنيس له، وسيعود إلى الاضطلاع بشئون الحكم وتدبير أمور الدولة.
    وأنّى له القدرة اليوم - وقد ضعفت نفسه وخارت (ضعفت) عزيمته - على كبح (رد، ومنع) جماح (عصيان) الأمراء المماليك وغرامهم بالخلاف وتكالبهم (حرصهم) على السلطة والجاه ؟! أيدع (يترك) البلاد لهم فتعود إلى سيرتها الأولى من الظلم والفساد والفوضى والاضطراب، وتنطلق أيديهم في أموال الأمة وخيرات البلاد فيبتزونها (يأخذونها) بالباطل، ويعودون إلى اكتناز الذهب والفضة والجواهر، غافلين عن مصالح البلاد، غير آبهين (منتبهين، وههتمين) لما يتهددها من الأخطار، حتى تحل بها كارثة لعلها تكون أعظم من كارثة التتار. وقد رأى كيف أنهم لم يخرجوا معه لقتال التتار إلا بالإكراه والقسر (القهر)، وبعد أن تعب فى ممارستهم ومعالجتهم باللين وبالشدة، ولقى منهم من التخاذل والتقاعس (التخاذل) والتواكل مرة بعد مرة ما كان كافيا لصد أمضى العزائم، وتخذيل أقوى النفوس حماسة ويقينا لو لم يظهره الله عليهم بتأييد من عنده.

    قطز يتذكر حبيبته جلنار:

    وقد كان له في الدنيا أمل هون عليه كل ما لقي فى سبيل ذلك من المتاعب، وذلل كل ما قام في طريقه من المصاعب، فأين ذلك الأمل اليوم؟ لقد انطوى إلى الأبد، أين جلنار التى كانت تشاطره همومه وآلامه، وتمسح بيدها الرقيقة شكواه، وتطرد عن نفسه اليأس، وتنعش فى قلبه الأمل، وتذكى (تشعل) فى فؤاده الرغبة فى الحياة والمجد ؟ وما لذة الحياة بعد جلنار؟ وفيم يطلب المجد وقد نامت العين التى كانت تباركه وتسهر عليه ؟ أين جلنار التى كان يشهد فيها بقية أهل بيته الذين نكبهم التتار؟ وها هو ذا قد انتقم لهم وللإسلام من التتار. ما أحقر هذه الحياة الدنيا لذوى النفوس الشاغرة ! وما أهونها على من ينظر فى صميمها، ولا ينخدغ بزخرفها (زينتها) وباطل نعيمها! لقد كتب الله عليها ألا يتم فيها شيء إلا لحقه النقصان، ولا يربح فيها امرؤ إلا أدركه الخسران.

    يأس السلطان من الحياة :

    طغى الحزن الجبار على تلك النفس القوية فوهنت وعلى تلك العزيمة الماضية فكلت (تعبت)، وعلى تلك الهمة الطائرة فهيض (انكسر) جناحها، وعلى ذلك الرأي الجميع فانتقض غزله (ضعفت طاقاته) من بعد قوة أنكاثا (الخيوط البالية). وأصبح الملك المظفر يائسا في الحياة يستثقل ظلها، ويستطيل أمدها، ويود لو استطاع فجاز ما بقى له فيها من الأيام مرحلة واحدة، إلى حيث يلقى حبيبته الشهيدة فى مقعد صدق (مكانة عالية) عند مليك مقتدر (إله قادر).

    قطز يفكر فى جعل بيبرس سلطانا على مصر :

    ولكن الذى هزم التتار وحمى الإسلام فى وقعة عين جالوت فأضافها إلى أخواتها الكبرى : بدر، وأحد، والقادسية واليرموك، وحطين، وفارسكور لم يكن ليسى إذا هو عاف (كره) الحكم وضاق ذرعا (ضجر، وتألم) بالحياة أن ينظر للإسلام وأهله، فيختار من بين المسلمين رجلا قويا يعهد إليه بحكمهم ويبرأ به إلى الله من تبعتهم، فظل أياما يتلفت فيمن حوله من الملوك والأمراء، فما ملأ عينه منهم إلا صديقه القديم، وعدوه العنيد، ونصيره فى جهاد التتار الأمير ركن الدين بيبرس وقد رآه - على ما فيه من الخديعة والمكر والتكالب على الرياسة والحكم - أقومهم جميعا بالأمر، وأقدرهم عليه، وأجدرهم أن يسوق الناس بعصاه، ويحملهم على ما فيه استقامة أمورهم، ودوام قوتهم وعزتهم، وبقاء هيبة الإسلام في صدور أعدائه، فعزم على أن ينزل به عن الحكم، ويتخلى له عن عرش مصر عاصمة المسلمين وملاذهم (ملجأهم) ومظهر قوتهم وسلطانهم.
    ولكنه رأى أن يكتم هذا الأمر عن الناس حتى يعود إلى مصر خوفا من الفتنة وخشية من انتقاض (عصيان) الأمراء المماليك واختلافهم إذا سمعوا بذلك، ولا سيما المعزية منهم، إذ كانوا يرون أنفسهم أولى من غيرهم بالحظوة (المنزلة، والمكانة) والتقدم عند المظفر، لما بينه وبينهم من صلة الخشداشية، والانتساب إلى أستاذ واحد هو الملك المعز عز الدين أيبك، وكانوا قد نقموا على السلطان أنه ساواهم بالأمراء الصالحية فى الاقطاعات التى أقطعهم إياها ببلاد الشام، واعتقدوا أنه ظلمهم بذلك، وتحدث بعضهم إلى بعض فى مطالبة السلطان بحقهم المهضوم، والالتجاء إلى القوة فى إكراهه على ذلك إذا اضطروا إليها. ولكنهم خشوا أن يتشيع (يميل) الصالحية للسلطان، ويكونوا معه إلبا (جمعا) واحدا عليهم، فأرجأوا (أجلوا) التفكير فى ذلك إلى فرصة ملائمة.

    غضب بيبرس من السلطان:

    وكان الأمير بيبرس قد سأل السلطان أن يعطيه نيابة حلب فوعده بذلك، ولكنه لما عزم على النزول له عن الحكم كله وتوليته سلطانا على مصر مكانه لم يبق عنده موضع للوفاء للأمير بيبرس بما وعد، فأعطى نيابة حلب لأحد ملوك الشام.
    ولما بلغ ذلك الأمير بيبرس، غضب غضبا شديدا على السلطان واضطرم (اشتعل) حقدا عليه وأيقن أن السلطان، إنما حسده على ما أظهره هو من آيات (دلائل، وعلامات) البطولة في قتال التتار ومطاردتهم إلى أقاصى البلاد، فخشى أن ينافسه فى الحكم، ويؤيده الناس فى ذلك، فأراد بهذا اهتضامه (غضبه، وظلمه) وإذلاله، وإشعاره بقوته وسلطانه، وقدرته عليه وعلى رجاله، بعد أن خضعت له رقاب الملوك، ودانت له بلاد الشام قاطبة (جميعا)، ومما قوى هذا الظن عند بيبرس أمران: أحدهما: أنه كان ينوى منافسة السلطان حقا حين طلب منه نيابة حلب؛ ليستقل بها، ويتخذها بعد ذلك نواة (مركزا) لإشباع مطامعه، بالاستيلاء على ما دونها من البلاد، حتى يضم الشام جميعا تحت لوائه، وحينئذ ينازع الملك المظفر على عرش مصر، ولم يختر نيابة حلب في أقصى الشام عبثا (لعبا) فقد آثرها؛ لأنها ببعدها عن مركز السلطان أصلح من غيرها للقيام بحركته وثانيهما : أنه لم ينس ما كان منه في مصر، من تحريض الأمراء على السلطان، حين دعاهم السلطان للنزول من أملاكهم لبيت المال، فظن أن السلطان إنما اغتفر له ذلك، واستبقاه لحاجته إليه يومئذ، حتى إذا استغنى عنه، وتمكن منه، عاقبه على ما سلف من ذنبه؛ لئلا يعود فى المستقبل إلى مثله.
    هذا ما وقر (ثبت) فى قلب بيبرس، ولم يكن يعلم من نية السلطان شيئا إذ لم يشأ السلطان أن يخبره بما طوى عليه عزمه؛ لاعتقاده أن بيبرس لن يقدر على كتمانه، ولا بد أن يبوح بهذا السر لأصحايه فينتشر الخبر، ويقع الاختلاف المحذور (ما يخاف منه).

    أمراء المماليك يوغرون صدر بيبرس ضد السلطان:

    ولم يكن ما سبق رأى بيبرس وحده، بل شايعه على ذلك أصحابه من الأمراء الصالحية ومماليكهم وأتباعهم فأوغروا صدره على السلطان وقالوا له: "لولاك لما صنع شيئا، ولما قدر على هزيمة التتار وهو الآن يملك بلاد الشام كلها، ويفرق ولايتها على من يشاء من الملوك والأمراء الذين لم يبلوا بلاءك (اختبارك)، ولم يقوموا ببعض ما قمت به.
    من غير سابق وعد، ولا سالف (سابق) عهد ويبخل عليك بنيابة مدينة واحدة، فى أقصى الشام، كنت طلبتها منه فوعدك بها، فهل تريد أشد من هذا إذلالا لك، واستخفافا (استهانة) بأمرك ؟ وما يمسك يمسنا جميعا، ولا يغرنك (يخدعنك) ما أقطعنا من الإقطاعات في الشام، فإنما أراد بذلك إسكاتنا إلى حين، ريثما يتمكن من رأسك، وحينئذ يستردها منا، ويردها على أصحابه، بعد التخلص منك .

    حوار بين بيبرس والسلطان قطز:

    وجاء بيبرس - وهو يكتم غضبه - إلى الملك المظفر، فعتب عليه أنه أخلف وعده، وأعطى نيابة حلب لملك لم يقم بمعشار ما قام هو به من جهاد التتار وطردهم عن البلاد. فقال له السلطان : "إنى لا أنكر يا بيبرس بلاءك العظيم فى قتال العدو، ولا أضن (أبخل، المضاد أسخو، وأجود) بعده بشيء عليك، ولكنى أخشى إذا أنا وليتك على حلب أن تغرك نفسك فى ذلك الطرف القصي (البعيد)، فتستقل بحكمها، وتسعى لضم سائر البلاد إليك، وتشق بذلك كلمة المسلمين وقد بلوت (اختبرت) طبعك يا بيبرس، فلست أجهل مطامعك ونياتك".
    فامتعض بيبرس واضطرب؛ لأن السلطان كشف الحجاب عن ذات صدره (أسراره)، وصرح له بأنه على علم بخبيئة نفسه، ولكنه أخفى امتعاضه واضطرابه، وقال له: "سأحلف لك بأغلظ الأيمان أنى لا أستقل عنك ولا أنتقض عليك". قال السلطان: "إن نفسك الأمارة بالسوء لن تعدم سببا تتعلل به لنقض أيمانك المغلظه". قال بيبرس محتدا: "إذا كنت لا تنوى إعطائى نيابة حلب فلماذا وعدتنى بها ؟". فأجابه السلطان: "وعدتك بها حين رأيت فى ذلك مصلحة المسلمين، ومنعتك إياها حين خشيت من ذلك على كلمة المسلمين".
    - إذن فأعطنى نيابة دمشق فهى أقرب إليك من حلب. - هيه (زذنى من حديثك) يا بيبرس كيف تريد ممن لا يأمنك على طرف من أطراف بلاد الشام أن يأمنك على عاصمتها؟ فقال بيبرس وقد بان الغضب فى وجهه: "إذن فما قصدك إلا مراوغتى (خداعى) واهتضام حقى فابق على ما أنت عليه، فسأعرف ماذا أصنع! فضحك السلطان ضحكة خفيفة وقال له : "ها أنت ذا يا صديقى قد أظهرت عصيانى وأنا بعد عندك، فكيف لو بعدت بى الدار عنك ؟ إنك يا بيبرس - ما علمت - لشرس الطباع (سيئ الخلق) سريع البادرة (الغضبة)، ولعل الله جعل فى ذلك خيرا للمسلمين، فاجتهد ألا تستعمله فى غير موضعه. واعلم أنى ما أردت بمحاجتك (مناقشتك، ومجادلتك) إلا أن تثوت (ترجع، وتعود) إلى رشدك (عقلك)، فلا تؤثر مصلحتك على مصلحة أمتك ودينك، ومن يدرى لعلك تكون يوما ما سلطانا على المسلمين؛ فليت شعرى بأى خلق تسوسهم (تحكمهم) وأى طريق تسلك بهم إذا كان هواك غالبا على تقواك ؟".

    السلطان يلمح لبيبرس بتوليه السلطة:

    فقال بيبرس: "أسألك بالله يا خوند ألا تجمع علي بين المنع والسخرية، فإنى أحتمل الأمر الأول، ولكنى لا أحتمل الثاني". قال السلطان : "إني والله ما أسخر منك يا بيبرس، فأنت حقا جدير بأن تكون سلطان المسلمين لو استطعت أن تدوس هواك بقدمك، ولكن دعنا الآن من حديث السلطنة فالله أعلم حيث يجعل ولاية المسلمين، أصغ إلى ما أريد أن أحدثك به: الحق أقول إلى ما منعتك حلب أو دمشق إلا لحرصى على ألا تكون بعيدا عنى، فإنى بحاجة إلى مثلك فى مصر، فقد رأيت ما نزل بى من المصيبة بفقد السلطانة - رحمها الله - ولا آمن أن يغلبنى الحزن فيشغلنى عن القيام بواجبى نحو رعيتى، فأريد أن تستر نقصى، وتجبر (تعوض) تقصيرى.
    فسكت بيبرس مليا يفكر فيما يجيب به السلطان وجعل ينظر إلى وجهه كأنه يريد أن يتبين قصده. فما رأى على السلطان إلا آيات الانكسار والحزن ودلائل الإخلاص والصدق، فحار فى أمره وخشي أن يكون ذلك خديعة منه، ثم قال له: "أليس فى وزير السلطان وأتابكه وكبار صحابه ما يغنيه عنى ؟". فقال له السلطان : "إنى لا أستغنى عمن ذكرت، فلهؤلاء شئونهم، ولكنهم لا يقومون لى بما تقوم به أنت. قال بيبرس : "ماذا عسى أن ترجو من شرس مثلى، لا يؤمن على ولاية صغيرة قاصية (بعيدة)؟" فقال السلطان : "ما تزال يا بيبرس طامعا فى هذه الولاية الصغيرة، وما تدرى بأنى محتفظ لك بخير منها ومن دمشق .
    فقال بيبرس: "لعلها قصبة (مدينة) قليوب التى أقطعتنى إياها!" . فضحك السلطان مرة اخرى، وقال له: "لا يا صديقى بيبرس بل خير منها كثيرا، إنها قلعة الجبل... قلعة الـ...". وهنا وقف السلطان ولم يتم كلمته، وبقى برهة واجما كأنه ندم على تصريجه بذلك لبيبرس ثم استأنف حديثه قائلا: "انصرف يا صديقى مطمئنا فليس لك عندى إلا الخير".

    أمراء المماليك يفسرون تلميح السلطان لبيبرس:

    وما خرج الأمير بيبرس من عند السلطان، حتى تلقاه جماعته الذين كانوا فى انتظاره، فرأوه أشد غما وأكثر حيرة مما كان قبل مقابلته السلطان فى قلعة دمشق، فبدءوه السؤال عما جرى بينه وبين الملك المظفر. فحدثهم بكل ما دار بينهما من الحوار. وهم يصغون إليه، حتى إذا ما انتهى إلى قول السلطان: "إنها قلعة الجبل" قالوا له : "حسبك (يكفيك)، قد صرح لك السلطان بما يضمر لك إنه يعنى أنك ستلقى مصرعك هناك كما لقى صاحبك أقطاى، لله ما أشد جرأته عليك واستخفافه بك، إذ يقول هذه الكلمة فى وجهك وهو يضحك يتلهى بك". فبدرهم بيبرس قائلا : " ولكنه قطع ضحكه بعد أن لفظ هذه الكلمة وبقى برهة واجما". قالوا: "إنه لا ريب ندم على تهوره هذا بالتصريح لك بما ينوى من قتلك".

    بيبرس يقرر قتل السلطان قطز:

    قال بيبرس، وقد اشتد حنقه (غيظه) واحمرت عيناه : "قلعة الجبل ! لا والله لألحقنه بزوجته التى يبكيها قبل أن ترى عينه قلعة الجبل! ما بالكم تنظرون إلى ؟ ما رأيكم ؟ أشيروا على ! ". قالوا له : "إنك سريع التقلب يا بيبرس. وإنا نخشى أن نشترك معك فى هذا الأمر الخطير ثم تنكل (ترجع) عنه وتتركنا للسلطان يتحكم فى رقابنا!". قال بيبرس غاضبا : " ويلكم (هلاكا لكم) أأترككم له وقد حلفت لكم لأقتلنه ؟!". قالوا له : "ولكنك قد حلفت بمثل هذا عند قتل أقطاى، ثم رجعت عن يمينك وعدت إليه تطلب منه الأمان فأقطعك قصبة قليوب، فما يدرينا أنك لا تعود لمثلها فيقطعك قلعة الجبل ؟!".
    فصاح بهم بيبرس : "كفى!" فسكتوا جميعا وبقوا كذلك برهة حتى قال لهم بيبرس : "ولكن ما رأيكم في المعزية ماذا نصنع بهم ؟ ". قالوا له : "لقد كفاك الله مئونتهم إنهم غاضبون جميعا على صاحبهم إذ سوى بيننا وبينهم فى الإقطاعات، وما علموا أنه إنما فعل ذلك خديعة لنا ليسكتنا إلى حين، وهب (افرض) أنهم قاموا له أتظننا نعجز عنهم وقد قطعنا رأسهم؟ أقد نسيت يا بيبرس أننا هربنا من البلاد لما رمى إلينا برأس أقطاى ونحن يومئذ سبعمائة فارس ؟".
    فقال لهم بيبرس: "ما رأيكم فى استمالة أقطاى المستعرب إلينا ليكون معنا فى هذا الأمر؟". فاختلفوا فى الرأي، فمن قائل: "نستميله فهو صالحي مثلنا وسيذلل (يمهد، ويهيئ) لنا السبيل لقتل السلطان". ومن قائل: "بل نكتم هذا الأمر عنه فهو وإن كان صالحيا إلا أنه مخلص للسلطان وهواه مع المعزية، ولكنه إذا رآنا قد قطعنا الرأس فإنه عائد إلينا لا ريب".

    الاستعانة بالمماليك المعزية فى قتل قطز:

    وأخذ القوم بعد ذلك يتشاورون كيف وأين يقتلون السلطان ؟ واتفق رأيهم آخر الأمر على أن يترصدوه (يترقبوه) فى طريقه راجعا إلى مصر حتى إذا أمكنتهم منه غرة تعاوروه بسيوفهم، وعلى أن يشركوا معهم فى ذلك اثنين من المعزية هما الأمير سيف الدين بهادر والأمير بدر الدين بكتوت الجوكندار؛ ليكون ذلك أسهل فى إرضاء المعزية إذا ثاروا لصاحبهم حين يرون أن الصالحية لم ينفردوا بهذا الأمر وقد اختاروا هذين الرجلين لشدة حقدهما على السلطان وحسدهما له.

    عودة السلطان إلى مصر:

    وما هى إلا أيام حتى عزم الملك المظفر على الرجوع إلى مصر بعد أن رتب أحوال النواب والولاة ببلاد الشام، ورد المظالم إلى أصحابها، فأعاد إلى مولاه ابن الزعيم ما صادر التتار من أملاكه، وما صادره منها الملك الصالح إسماعيل قبل ذلك، وأحسن إلى صديقه القديم الحاج على الفراش، وأكرمه وخلع عليه وسأل عن موسى بن غانم المقدسي فقيل له : إنه قد بدد (ضيع) ميراث أبيه فأصبح فقيرا فأمر نائبه بدمشق فأجزى راتبا له، وعن مولاته العجوز أم موسى فقيل له إنها ماتت فذهب إلى قبرها يزورها ويترحم عليها.
    وخرج من دمشق بعد أن ودع مولاه ابن الزعيم وداعا حارا، وسار بعساكره وأمرائه المعزية والصالحية. وكان الأمير بيبرس لا يفارقه طوال الطريق يتحدث معه ويسليه عن مصابه. وقد أظهر له الرضا التام عنه، ولم يعد يذكر له حلب ولا دمشق؛ فإذا جرى ذكرهما عرضا (من غير قصد) فى الحديث قال له بيبرس: "لقد اخترت لى الخير يا خوند فإنى لا أعدل بالإقامة فى مصر بديلا".

    كيفية اغتيال السلطان قطز:

    فلم يزل السلطان سائرا إلى أن خرج من الغرابى وقارب الصالحية وكان أتابكه أقطاى المستعرب قد سبقه إليها بالعساكر ومعظم الأمراء؛ ليعد بها الدهليز السلطانى لنزوله، فرأى السلطان أرنبا بريا منطلقا فى جانب الطريق، فلم يملك نفسه إذ رآه أن انحرف (مال) عن الدرب (الطريق) ودفع جواده يسوق وراء الأرنب، وقد خيل إليه إذ ذاك أن جلنار تسوق معه على جوادها الصغير لصيد الأرانب كما كانا يفعلان فى ربوع الهند، فاستمر عدوه حتى أبعد فى البرية، فما راعه إلا الأمير بيبرس وستة معه من الأمراء، فالتفت إليهم السلطان قائلا : "أنتم أيضا تحبون صيد الأرانب مثلى ؟". فأجابه بيبرس قائلا : "إنك تعلم يا خوند أنى لا أحب صيد الأرانب، ولما رأيناك أبعدت في البرية فخشينا عليك ولحقنا بك".
    فقال السلطان: "شكرا لكم لا خوف على من عدو هنا" والتفت إلى الدرب وراءه فقال : "أرانى أبعدت حقا كما ذكرتم، فهلم (تعالوا، وأقبلوا) بنا نعد!". فترجل بيبرس عن فرسه، ودنا منه ليقبل يده، فمد إليه السلطان يده، فقبض عليها بشدة - وكانت تلك إشارة بينه وبين جماعته الأمراء - فحمل أحدهم على السلطان فضرب عاتقه بالسيف، وتعلق به أخر فألقاه عن فرسه، ورماه ثالث بسهم فى صدره.

    السلطان يستسلم ولا يقاوم:

    وكان السلطان في خلال ذلك لا يبدي أية حركة للمقاومة وإنما كان يقول : "حسبى الله ونعم الوكيل... أتقتلنى يا صديقى بيبرس وأنا أريد أن أوليك سلطانا مكاني؟" فلا سمع ذلك بيبرس منعهم من الإجهاز عليه (القضاء عليه)، فصاحوا به : "أراد أن يخدعك، دعنا نتم قتله". فأبى بيبرس عليهم فصاح الأمراء مرة ثانية: " دعنا يا بيبرس قبل أن يأتينا هؤلاء". فقال لهم بيبرس : دعوهم يأتوا إلينا، إنه لن ينجو مما به. وكان بيبرس يريد أن يستوضح السلطان كلمته الأخيرة، وكان السلطان قد أغمي عليه إذ ذاك، فأحاطت بهم الفرسان شاهرين سيوفهم، وكانوا جماعة من خواص السلطان ومماليكه قد ارتابوا (شكوا) في سير الأمراء وراءه، فلحقوا بهم، فقالوا للأمراء : "ألقوا سلاحكم فى الأرض وإلا قتلناكم !".

    عفو السلطان عن بيبرس وجماعته:

    فانتبه السلطان لصوتهم ورفع طرفه إليهم، وهو ملقى على الأرض، وقام بيبرس شاهرا سيفه يريد مقاومتهم. واستعد الأمراء الآخرون للدفاع عن أنفسهم، فحمل الفرسان على بيبرس يريدون قتله، فما راعهم إلا صوت السلطان: "دعوا بيبرس لا تقتلوه إنه سلطانكم قد وليته عليكم فأطيعوه!". قال الفرسان : "إنهم قتلوك يا خوند، فلن نتركهم" قال السلطان: " ما قتلنى غير سلطانكم بيبرس وقد سامحته، فاسمعوا له وأطيعوه، وقولوا للأتابك أن يسمع له ويطيع". فدهش الفرسان لما سمعوا من السلطان، فوقفوا جامدين فى أماكنهم، وألقى بيبرس سيفه على الأرض ودنا من السلطان، وأهوى عليه يقبل رأسه ويديه، ويقول: "يا خوند! اذبحنى يا خوند ! ويل لى قتلت سلطان المسلمين! قتلت هازم التتار! قتلث صديقى الكريم!".
    وكان السلطان إذ ذاك قد تولاه مماليكه، وأسندوه على ظهره وجعلوا يمسحون عنه الدم بمناديلهم وثيابهم، وهو يردد الشهادتين فتركه بيبرس لهم، والتقط سيفه وسار إلى الأمراء الواقفين وهو يصيح : "ويل لكم يا خونة يا مجرمين !" فتحاماه الأمراء وجعلوا يتقهقرون عنه. وعندئذ صاح السلطان بجهد ومشقة : "بيبرس ! بيبرس ! دعهم يا بيبرس، قد عفوت عنك وعنهم، وأنتم فى حل جميعا، شكرا لكم قربتموني من زوجتى... جلنار... تعال يا بيبرس". فعاد بيبرس واقترب منه، فقال السلطان: "أتستحل دمى يا بيبرس ؟" فأجابه بيبرس والدموع فى عينيه: "كلا يا خوند وإنما خشيت أن تقتلنى فاتقيت ذلك".
    فقال السلطان : "الحمد لله إذ لم تستحل دمى، وإنما شط (بعد) بك الظن، قاتل أعداء الإسلام يا بيبرس... هذه وصيتى لك، ويغفر الله لك خطيئتك!". وصرف السلطان نظره عن بيبرس إلى السماء، وتنهد من أعماق قلبه، كأنما انتزعها من روحه انتزاعا: "وا حبيبتاه !... وا إسلاماه !" وخفق رأسه خفقة، لفظ على أثرها روحه، فحمله مماليكه إلى حيث دفنوه مبكيا عليه.

    تنفيذ أقطاى المستعرب لوصية السلطان قطز:

    وانطلق بيبرس يتقدمه رجال السلطان الشهيد وخلفه سائر الأمراء حتى بلغوا الدهليز السلطانى بالصالحية فوجدوا على بابه الأتابك أقطاى المستعرب، فأخبره رجال السلطان بما كان من مصرع مولاهم بأيدى الأمراء السبعة ، ومن وصيته لبيبرس بالسلطنة، فعظم على أقطاى أن يغدر هؤلاء الأمراء بهذا السلطان العظيم، فى أوج (علو، وقمة) انتصاره وساعة قفوله (رجوعه، المضاد ذهابه) ظافرا إلى بلاده، ولكنه عجب من وصية السلطان لبيبرس وكيف لم يذكر له السلطان عنها شيئا، ولم يعرض له فيها بشىء ولولا أن خواص رجال السلطان أنفسهم حكوا له ذلك لما صدق هذا الخبر، وقد زاد من غضبه ونقمته على بيبرس أن يشترك مع الستة فى قتل من أراد أن ينزل له عن السلطنة.
    وكان فى وسع الأتابك أن يصنع شيئا فقد ثار المعزية جميعا لصاحبهم، فلو أمرهم بالقبض على بيبرس وجماعته لأطاعوه، ولكانوا ولوه سلطانا إذا نجح في ذلك ولكنه رأى وصية السلطان لبيبرس حائلة (مانعة) دون ما يريد، فعزم على تنفيذها والطاعة لبيبرس، إلا أنه أراد أن يبكته (يوبخه) على فعلته الشنيعة، ويذكره أنه سيجلس على أريكة صديق له أراد به الخير فكان جزاؤه منه القتل. ولما حضر بيبرس والأمراء الستة أدخلهم الأتابك إلى الدهليز، وكان الأمراء المعزية ومماليك السلطان وأشياعه قد ركبوا إلى الدهليز فأحاطوا به متهيئين لما يسفر عنه الحادث، وكذلك وقف الأمراء الصالحية ينتظرون ما يكون من بيبرس.
    قال الأتابك أقطاى للأمراء السبعة : "رحم الله مولانا السلطان!... من قتله منكم ؟ ". فسكتوا مليا، وخشوا أن يكون أقطاى قد أعد العده لقتلهم، وكان الستة قبل ذلك يخافون بطش بيبرس لأنه نقم عليهم تحريضهم إياه على قتل السلطان، فعادوا الآن يخافون أقطاى الأتابك. ولكن بيبرس ما لبث أن أجاب الأتابك بصوت جهير تخالظه نغمة الحزن : "أنا قتلته !". فنظر إليه الأتابك نظرة دامعة عاتبة، وقال له: "فاجلس على الأريكة مكانة يا خوند!".
    وأدرك بيبرس غرض الأتابك من تبكيته فلم يقل شيئا، بل مشى متثاقلا إلى الأريكة حتى جلس عليها، وبقى برهة واجما يغالب عبرة تترقرق فى عينه ثم قال : "رحم الله صديقى المظفر! هلموا نفذوا وصيته، واحلفوا لسلطانكم الجديد الملك القاهر"، ومد يده فصافحه الأتابك وحلف له وتبعه الأمراء الستة فحلفوا له، ثم تتابع الأمراء الذين كانوا خارج الدهليز فدخلوا إليه وحلفوا له، ثم حلفت العساكر جميعا.

    عودة بيبرس إلى مصر :

    ودخل الملك القاهر بيبرس إلى القاهرة - وكانت قد زُينت لمقدم الملك المظفر فأبقيت كما هى - وسار فى موكبه، ولم يشأ أن ينزل قلعة الجبل إلا بعد أيام لحزنه على الملك المظفر، حتى قيل له إن سلطنتك لا تتم إلا إذا أقمت بقلعة الجبل، فانتقل إليها حينئذ، وخوفوه من شؤم لقبه فعدل عنه وتلقب بالملك الظاهر وما سمع الناس بمصرع الملك المظفر وقدوم بيبرس سلطانا مكانه حتى عراهم هم عظيم، وحزنوا على الملك المظفر حزنا شديدا، وبكوه بعيونهم وقلوبهم.
    أما الشيخ ابن عبد السلام فلما بلغه موت تلميذه العظيم بكى وانتحب وكان مما قال فيه : "رحم الله شبابه، لو عاش طويلا لجدد شباب الإسلام ! لله أبوه ! ما منعه من اختيار بيبرس بغض بيبرس له، وما ولى أمر المسلمين بعد عمر بن عبد العزيز أحد يعادله صلاحا وعدلا". وجهد الملك الظاهر بيبرس لينال رضا الناس عنه، فألغى الضرائب التى فرضها عليهم الملك المظفر لبيت المال، فهل رضوا عنه بعد ذلك ؟ وماذا قالوا فيه ؟ قالوا: "إنه أبطل ما علينا لبيت المال، ولم يبطل ما علينا لنفسه وأمرائه ومماليكه!".
    على أن الملك الظاهر لم يأل جهدا فى العمل بوصية صديقه وسلفه الملك المظفر قطز، فقد ظل يذكرها ويقوم بها إلى آخر أيامه، فوفى للإسلام، وقاتل أعداءه من التتار والصليبيين حتى أذلهم، ونهض بمصر وأعلى كلمتها حتى جعلها فى عهده إمبراطورية عظيمة باذخة.
    ورُئي الملك الظاهر بيبرس ذات يوم يقلب يده في أوراق الملك المظفر قطز، فعثر على كتاب هذا نصه : "إلى ولدى الأعز الأجلّ، الملك المظفر قطز: تلقيت كتابك جواب التهنئة باعتلائك عرش مصر، تذكر فيه عزمك على الرجوع إلى اسمك الأول الذى سماك به أبوك الأمير ممدود وإشهاره، ثم عدولك عن ذلك خشية أن ينتقض عليك الأمراء المماليك إذا علموا بأصلك، وتستشيرنى فى ذلك، فالرأى عندى ما رأيت، وليس العبرة بالأسماء، ولكن بالخلال والأعمال، والله يعلم أنك محمود بن ممدود ابن أخت السلطان جلال الدين بن خوارزم شاه، وأن التى تحت عصمتك هى ابنة خالك جلال الدين فحسبك هذا من ربك، والناس يعلمون أنك مملوك علت به همته وكفايته وصلاحه، حتى صار من أعظم ملوك المسلمين وأعدلهم، وحسبك هذا من الناس. والسلام منى، ومن خادمك الأمين الحاج على الفراش، عليك وعلى شيخنا الإمام عزالدين ابن عبد السلام، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. من خادمك المطيع ابن الزعيم".
    فلما قرأ الملك الظاهر بيبرس هذا الكتاب تدحرجت دمعتان كبيرتان على خديه، حتى توارتا فى لحيته، وجعل يقول بصوت لا يسمعه غيره: "رحمة الله عليك يا صديقى قطز لشد ما أتعبنى اقتفاء أثرك، وما أرانى بعد الجهد الطويل أبلغ بعض ما بلغت".

    مناقشة الفصل السادس عشر من قصة وا إسلاماه

    كيف حال قطز بعدما انتهى من القضاء على التتار وتدبير أمور الشام ؟
    رجع السلطان إلى نفسه بعد أن حقق النصر العظيم على التتار فانفجر ما كان حبيساً من الحزن على زوجته الشهيدة ، وجعلت الذكريات الأليمة تراوده منذ اختطف ، وبيع في سوق الرقيق حتى أصبح سلطاناً ، فضاق بالحياة ذرعاً ، بعد أن فقد من كانت تشاطره أعباءه .
    بمَ وصف المظفر الأمراء المماليك ؟
    أهم الصفات التي وصف بها المظفر الأمراء :
    1 - غرامهم بالخلاف. 2 - تكالبهم على السلطة والجاه.
    3 - ابتزاز أموال العامة وأخذها بالباطل.
    وما سر خوفه من هؤلاء الأمراء المماليك ؟
    وسر خوفه من هؤلاء الأمراء المماليك أن يعودوا إلى نهب أموال الأمة وخيراتها ، غافلين عن مصالح البلاد فتحل بالبلاد كارثة أفظع من كارثة التتار .
    حزن الملك المظفر حزنا شديدا على حبيبته جُلَّنَار. اشرح العبارة مبينا أثر هذا الحزن عليه .
    حزن الملك المظفر حزناً شديداً على حبيبته جُلَّنَار حيث ضاقت الدنيا في وجهة وأظلمت في عينيه.
    - أثر هذا الحزن : انفجر ما كان حبيساً في نفسه من الألم والضيق إذ ضعف عن مقاومته وفعاليته فسالت دموعه حتى تقرحت جفونه ، كما ضعفت نفسه وخارت عزيمته ودارت في نفسه خواطر كثيرة فكيف يطلب المجد وقد نامت العين التي تباركه وتسهر عليه وطغى الحزن الجبار عليه فوهن وضعف وأصبح يائساً في الحياة يستثقل ظلها ويستطيل أمدها وتمنى أن يموت فيلقي حبيبته الشهيدة في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
    علامَ عزم قطز ؟ ولماذا لم يصرح به ؟
    عزم قطز على أن يتنازل عن العرش لصديقه بيبرس الذي يعتقد أنه الأقدر على تحمل هذه الأعباء الضخمة على ما فيه من الخديعة والمكر.
    - ولكنه لم يصرح له بهذا التفكير خوفاً من الفتنة بين الأمراء المماليك وخاصة أنه يعرف أن بيبرس لن يقدر على كتمان هذا الخبر.
    لماذا اشتد غضب بيبرس على قطز ؟
    وذلك لأن بيبرس طلب من السلطان ولاية حلب فوعده بها ، ولكنه لما عزم على النزول له عن الحكم لم يعد هناك موضوع للوفاء بهذا الوعد ، فأعطى حلب لأحد ملوك الشام ، مما أغضب بيبرس ، وظن الظنون بالسلطان ، واعتقد أنه يحسده لما قام به من بطولات في صد التتار فخشي أن ينافسه في الحكم ، وخاصة أنه كان ينوى هذه المنافسة حقا حين طلب (حلب) في أقصى الشام ؛ ليكون بعيداً عن سيطرة السلطان ويمكن أن يستقل بها ويتخذها نواة للاستيلاء على باقي الشام.
    لم يخلص بيبرس للسلطان بل كان يظن به الظنون وساعده على ذلك شيئان . فما هما؟
    الشيئان هما :
    1 - أنه كان ينوي منافسة السلطان حين طلب نيابة حلب منه ليستقل بها ويتخذها نواة لإشباع مطامعه بالاستيلاء على ما دونها من البلاد حتى يضم بلاد الشام كلها ، وبعد ذلك ينازع السلطان على عرش مصر.
    2 - أنه لم ينس ما كان منه في مصر من تحريض الأمراء على السلطان.. فظن أن السلطان اغتفر له ذلك لحاجته إليه ، حتى إذا استغنى عنه وتمكن منه عاقبه .
    لماذا لم يخبر السلطان المظفر بيبرس باختياره للسلطنة ؟
    لم يخبر السلطان المظفر بيبرس باختياره للسلطنة لاعتقاده أن بيبرس لن يقدر على كتمانه ولابد أن يبوح بهذا السر لأصحابه فينتشر الخبر ويقع الاختلاف المحذور بين الأمراء .
    كيف أوغر زملاء بيبرس قلبه تجاه قطز ؟ ماذا كان أثر ذلك عليه ؟
    أثاروا أحقاده القديمة ضد السلطان وقالوا له أن السلطان يوزع الولايات على ملوك وأمراء لم يبلوا بلاءك في المعركة ويبخل عليك بنيابة حلب ومن هنا فهو يستخف بك وبنا.
    - وكان أثر ذلك عليه : أن ذهب بيبرس إلى قطز وحدثت مناقشة حامية بينهما واحتد فيها بيبرس على قطز عندما كاشفه بما في طبعه من مطامع وصرح له قطز أنه لا يستغني عن مشورته ويريده بجواره ، وشك بيبرس واعتقد أن السلطان يسخر منه .
    متى قرر بيبرس قتل قطز؟
    ذلك عندما عاد إلى أصحابه وذكر لهم الحوار الذي دار بينه وبين قطز حتى الحديث عن قلعة الجبل ، فقالوا له إن قطز ينوي قتله في القلعة مثلما فعل مع سيده أقطاي ، حينئذ أقسم بيبرس على قتله قبل أن ترى عينه قلعة الجبل .
    اختلفت آراء بيبرس ورجاله بشأن الاستعانة بمماليك المعزية في قتل قطز . وضح .
    قال له رجاله أن الله قد كفاه شرهم ؛ لأنهم غاضبون من قطز الذي ساوى بينهم وبين مماليك الصالحية ، وأنهم إذا أرادوا القضاء عليهم فهذا أمر يسير طالما قد قضوا على رئيسهم وعرض عليهم بيبرس الاستعانة بأقطاي المستعرب فاختلفوا في أمره فمنهم من قال نستعين به فهو صالحي مثلنا ومنهم من رفض ؛ لأنه في النهاية قلبه مع قطز .. ثم استقر رأيهم على قتله وهو في طريق عودته إلى مصر .
    ماذا فعل قطز بشأن بلاد الشام ؟
    الذي فعله قطز قبل عودته من بلاد الشام :
    1 - رتب أحوال النواب والولاة ببلاد الشام . 2 - ورد المظالم إلى أصحابها .
    3 - أعاد إلى ابن الزعيم ما صادره الصالح إسماعيل والتتار من أملاكه . 4 - وأكرم صديقه القديم الحاج على الفراش .
    5 - وأجرى لموسى بن الشيخ غانم راتباً شهرياً ؛ لأنه علم أنه بدد ثروته . 6 - زار قبر مولاته أم موسى ، ثم ودع ابن الزعيم عائداً إلى مصر .
    كيف تم قتل قطز ؟
    في طريق عودته إلى مصر رأى أرنباً برياً فأخذ يطارده متخيلاً جُلَّنَار معه وحين بعد عن الجيش راعه أن رأى بيبرس ومعه ستة من الأمراء خلفه ثم طلب منه بيبرس أن يمنحه أسيرة تترية كان قد طلبها منه فمنحها له قطز فشكره بيبرس ، وأمسك يده ليقبلها وكانت تلك إشارة متفق عليها مع جماعته ، فضربه أحدهم بسيفه وألقاه الثاني أرضاً ورماه الثالث بسهم والسلطان لا يبدي مقاومة وهو يقول : " حسبي الله ونعم الوكيل أتقتلني يا بيبرس وأنا أنوي توليتك مكاني ؟ "
    فلما سمع بيبرس ذلك منع رجاله من الإجهاز عليه ريثما يتأكد مما قاله ، ولكن السلطان كان قد أغمى عليه ، وفي هذا الوقت حضرت مجموعة من خواص السلطان كانت قد ارتابت في الأمر حين رأت بيبرس ورجاله يتبعون السلطان وطلبوا من بيبرس ورجاله أن يلقوا سلاحهم ، وحينئذٍ تنبه السلطان وأمر رجاله بعدم إيذاء بيبرس فهو سلطانهم الجديد وقد ولاه عليهم وشكر لهم قائلاً : فقد قربتموني من زوجتي ، ثم قال لبيبرس : " قاتل أعداء الإسلام يا بيبرس هذه وصيتي لك ، ويغفر الله لك خطيئتك".. حينئذٍ بكى بيبرس لأنه قتل سلطان المسلمين وهازم التتار ، ثم مات السلطان وأسلم روحه لبارئها .
    معلومة : أمراء المماليك الستة الذين اشتركوا في قتل قطز هم : " الأمير سيف الدين بلبان الرشيدي ، والأمير سيف الدين بهادر المعزي ، والأمير بدر الدين بكتوت الجوكندار المعزي ، والأمير بيدغان الركني ، والأمير بلبان الهاروني ، والأمير بدر الدين أنس الأصبهاني .."
    معلومة : تم قتل قطز بعدما قبل بيبرس يد السلطان ، وكانت هذه إشارة بينه وبين الأمراء حيث هاجمه الأمير بدر الدين بكتوت بالسيف وضرب به عاتقه ، واختطفه الأمير أنس وألقاه عن فرسه ، ورماه الأمير بهادر المعزي بسهم أتى على روحه ، وذلك يوم السبت خامس عشر ذي القعدة عام 658هـ - 1260م ، ودفن بالقصير فكانت مدة ملكه أحد عشر شهراً وسبعة عشر يوماً.
    ما موقف الأتابك (قائد الجيش) أقطاي المستعرب حين علم بموت قطز ؟ وعلامَ يدل ذلك ؟
    حزن لموت قطز كثيراً وكان من الممكن أن يصنع شيئاً فقد ثار المعزية جميعاً لموت قطز ، ولو أمرهم بالقبض على بيبرس ورجاله لأطاعوه ، ولتولى هو مكانه ولكنه حافظ على وصية السلطان الراحل وهذا دليل على حبه العظيم لقطز ونبل أخلاقه .
    حاول بيبرس أن ينفذ وصية قطز . وضح .
    بالفعل فلقد اجتهد لينال رضا الناس:
    - فألغى الضرائب عنهم.
    - وقاتل أعداءه الصليبيين والتتار.
    - ونهض بمصر فكانت في عهده إمبراطورية عظمى .
    " لشد ما أتعبني اقتفاء أثرك ، وما أراني بعد الجهد الطويل أبلغ بعض ما بلغت!! ". من القائل ؟ ولمن قالها ؟ وما مناسبتها ؟
    قالها بيبرس لنفسه . عندما كان يقلب في رسائل ابن الزعيم إلى السلطان قطز فعرف حقيقته ، وحقيقة (جُلَّنَار) فبكى ، ودعا لصديقه .
    معلومة : حكم السلطان الظاهر بيبرس مصر في الفترة من ( 658 - 676 هـ) وكان من أقوى السلاطين الذين حكموا مصر واستطاع أن يهزم المغول عند الحدود العراقية ، والصليبين في الشام حتى صارت سيرته مضرباً

    ****

    وهنا ينتهي دوري في تبليغ المعلومة. ويبدأ دورك عزيزي الزائر والمتابع. لا يؤمن أحدنا حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. فرجاء مشاركة هذه الموضوعات مع جميع الأصدقاء المهتمين بتطوير التعليم . والاعتماد على الذات . وفقنا الله جميعا لما فيه خيري الدنيا والآخرة.

    أحدث أقدم