أبو الفوارس عنترة 13- رحلة المخاطر . ترم تانى

الاستماع للمقالة:

    سلام الله عليكم أحبابي ورحمة الله وبركاته وأبنائي طلاب وطالبات الصف الأول الثانوي. يسعدني في هذه الصفحة من موقعنا الماس لتطوير الذات والتعلم الذاتي mr-mas.com أن أقدم لكم قصة أبو الفوارس عنترة 13- رحلة المخاطر . ترم تانى . ضمن منهج اللغة العربية.

    أبو الفوارس عنترة 13- رحلة المخاطر

    والأجمل والجديد في هذا الموضوع بفضل الله تعالى هو عرض نص الفصل الثالث عشر: رحلة المخاطر مكتوبا مع معاني الكلمات الصعبة بطريقة شيقة وجذابة. يتم الضغط على الكلمة للتوصل للمعنى أو المضاد أو المفرد أو الجمع وذلك للكلمة الملونة باللون الأحمر . وكذلك تحويل الفصل الثالث عشر إلى سؤال وإجابة للتمكن من تحليل كل النقاط المهمة في الفصل الثالث عشر: رحلة المخاطر . من قصه أبو الفوارس عنترة بن شداد .

    نبدأ أولا بفيديو لملخص الفصل الثالث عشر بالرسوم المتحركة (الكارتون cartoon) . اضغط هنا على هذا الرابط لبدء تشغيل فيديو الفصل الثالث عشر من قصة أبو الفوارس عنترة بن شداد. ضمن منهج أولى ثانوي ترم ثان.

    ***

    عنترة يتخطى الصعاب:

    خرج عنترة إلى العراق يطلب المهر الذي طلبه أبو عبلة من النوق العصافير التى كانت عند الملك النعمان. ولم تكن فى قبائل العرب قبيلة تملكها، فقد كانت هذه النوق بيضاء مثل وعول (شياه جبلية) الجبال، خفيفة كأنها الغزلان، طيبة الألبان كالبقر، حلوة المنظر كالمها (البقر الوحشى)، طيبة اللحم كأنها الحملان (ولد النعجة).
    وسار عنترة يضرب فى الصحارى نحو العراق، وصورة عبلة ماثلة (شاخصة) أمام عينيه عند كل ثنية (منعطف) وعند كل مرقب (موضع المراقبة)، وما كان أحب إليه من تلك المخاطرة الجريئة التى اعتزم أن يخاطر بها.
    كان كلما فكر فى المخاطر التى يتعرض لها فى سبيل الحصول على مهر عبلة أحس سعادة كبرى؛ لأنه كان يشعر أنه يقتحم مجدا جديدا يسمو به إلى الحبيبة التى كان لا يرى فى الحياة شيئا يستحق أن يحرص عليه إلا حبها. وكان فى أثناء سيره فى الصحارى الجاهمة (عابسة الوجه، المراد المقفرة، والموحشة) يردد كلمات عبلة التى قالتها وهى تودعه أمام بيت أبيها فى بنى شيبان، إذ قالت له: "سوف أنتظرك حتى تعود وإن طالت غيبتك".
    وكان بين آن (حين) وآن يلمس بكفه اليسرى موضع التميمة التى شدها على ذراعه فيشعر كأن روحا يسرى فيه فيهزه ويملؤه قوة.
    وكان يعيد كلماتها التى سمعها منها وهى لا تزال مسطورة على قلبه، ويدخرها كأثمن (أغلى، المضاد أرخص) الكنوز، كما يدخرالمقطوع فى الصحراء بقية من الماء وجدها فى الأحواض البراقة (اللامعة، والمتلألئة) الملساء (الناعمة، المضاد الخشنة) فى بطون الجبال؛ ليطفئ بها حرور الهجير (شدة الحر)، وكان يتمثل صورتها ونظراتها العاطفة نحوه وهو يثب على فرسه الأبجر. فكأنه سائح ضل (فقد، المضاد وجد) السبيل فى مهمة (صحراء) قفر (خلاء من الأرض لا ماء فيه ولا ناس) فى ليلة ظلماء فطلع عليه القمر يهدى سبيله.
    كانت صورة بسماتها ونظراتها تتردد فى قلبه كأنها الأغانى تحدو (تحث) له سيره فى الطريق الوعر (الصعب، المضاد السهل)، وتقصر عليه مسافة السفر الطويل. كان يقوى بها نفسه إذا جهده (أتعبه، المضاد أراحه) الحر، ويغذى بها روحه إذا أمضّه (آلمه) الجوع، ويجعلها سمره (حديثه ليلا) إذا شرب الخمر، وحديثه إذا جلس إليه أخوه وصاحبه شيبوب.

    وقوع عنترة أسيرا وهروب شيبوب:

    ولكنه ذهب إلى العراق يطلب مطلبا عسيرا، إذ أقدم على مراعى (أماكن لرعى الإبل والماشية) النعمان وأراد أن يستاق (يسوق) منها ما شاء من الإبل العصافير. فما هو إلا أن أحس الرعيان (رعاة الإبل) به حتى أرسلوا النُذُر (المنذرين) إلى الملك العظيم فى الحيرة. واستاق عنترة الإبل مسرعا نحو الصحراء، ولكن الملك أدركه (لحقه) فى كتيبة (فرقة من الجيش) من الفرسان وأحاطوا به وبالنوق التى استاقها، وكانت معركة هائلة بين فارس مستيئس (مستميت) وجيش لجب (كبير) من الشجعان. فلم يستطع إلا أن يقاتل (يحارب) ما بقى السيف فى يده، وما استقام الرمح فى قبضته ولكن الرمح انقصف (انكسر) والسيف تحطم فوق الدروع السابغة (الواسعة الكاملة)، وأثخنته (أضعفته) الجراح فخر صريعا! (طريحا على الأرض)، وحمل إلى الحيرة بين الموت والحياة.
    ورآه شيبوب يقاتل وسط الحلقة المائجة (المضطربة) المخيفة فلم يقدر على أن ينصره (يعينه)، وعجز عن أن يخلص إليه إذ كان الموت يحول (يمنع) بينهما. ورأى السيوف تلمع والرماح تتعانق فى معركة مروعة، فلم يجد خيرا له من أن يندس (يخفى) بين الصخور يرقب (يلاحظ) القتال من بعيد ثم رأى عنتره يخر (يسقط) عن جواده صريعا، فزحف متواريا (متخفيا) بين الحجارة حتى بعد عن ميدان المعركة، ثم جعل التلال بينه وبين مجال الموت وأطلق ساقيه للرياح عائدا إلى الحجاز.

    حال عنترة فى سجن النعمان:

    ألقى عنترة فى سجن النعمان، فأقام فيه ليالى ما كان أطولها، فكان يتوجع من جراح جسمه، وجراح قلبه أشد ألما، وكان أشد ما أصابه أنه خاب فى أن يحوز (يملك) مهر عبلة، وأنه قد حيل إلى الأبد بينه وبينها، وكان شعاع ضئيل من النور يدخل إليه فى سجنه مترددا من فرجات (فتحات) ضيقة بين قضبان الحديد، فكان صدره يضيق، ويهم بأن يحطم رأسه فى الجدار المصمت (الجامد الذى لا جوف له،المراد الصلب) الرطب الذى يملأ قلبه يأسا. وكان ينظر إلى النجوم إذا طلعت فيناجيها ويرى صورة عبلة فى نورها، ويستعيد نظراتها وبسماتها فى لألائها (لمعانها، وإشراقها، المضاد انطفائها)، ويسمع فى نجواها (إسرارها الحديث) أصداء (رجع الصوت) صوت عبلة العذب، ويرسل على شعاعها تحيات بائس (مقفر، وشديد الحاجة) لعلها تصل إليها، ولكنه كان كلما رأى تميمة عبلة فوق ذراعه عاد الأمل إليه فملأ قلبه قوة.

    شوق النعمان إلى رؤية عنترة:

    ومضت عليه تلك الأيام الطوال ثم أرسل إليه النعمان يطلبه للمثول (الوقوف) بين يديه، بعد أن التأمت (انضمت، والتصقت، المراد شفيت) جروحه، واستطاع أن يسير على قدميه. وكان النعمان شديد الشوق (شدة التعلق) إلى رؤية ذلك الرجل الذى جاء إليه وحده غازيا، وحمله النحس (الضر، وسوء الحال) أو دفعه الغرور إلى أن يطلب المحال، ويجرؤ على استباحة حماه، فقد كانت تلك أول مرة يقدم رجل من العرب على غارة مثلها وهو وحده، ويعلم أنه يطلب مطلبا وعرا (صعبا).

    النعمان يتهم عنترة بالحماقة والجنون:

    وأذخل عليه عنترة مقيدا فى سلاسله، وكان شيوخ تغلب وبكر يجلسون حول الإيوان (مجلس العرش)، والملك جالس فوق عرشه. وارتفعت العيون نحو عنترة وهو داخل يحجل (يقفز في مشيه) فى القيود، ولونه حائل (متغير) من أثر السجن والهموم.
    وكان الغضب باديا (ظاهرا،المضاد خافيا) على وجه القوم، والملك يحاول أن يمسك نفسه حتى يسمع قول الأسير قبل أن يوقع به العقاب، فتأمله ساعة قصيرة وهو صامت ثم قال له : "من أنت أيها البائس ؟". فقال عنترة هادئا: "أنا أسيرك وترانى أمام عينيك". فسرت همهمة (كلام غير مفهوم) فى الجلوس، وقال الملك فى غضب مكبوح: "أسألك عن نفسك أيها الرجل، أسألك عن قومك إن كان لك قوم. وما أحسبك إلا عبدا آبقا (هاربا، خارجا عن الطاعة)".
    فقال عنترة رافعا رأسه: "إنما العبد غيرى". فقال الملك متعجبا: "أما تعرف ما فعلت ؟". فقال عنترة : "وهل ترى رجلا يتخبط فى الجنون (زوال العقل أو فساده)؟" فقال الملك : "إنك امرؤ بين الجنون والحماقة (قلة العقل)". فقال عنترة : "أتسمع منى هذرا (كلاما كثر فيه الخطأ والباطل)؟ جئت إلى حمى النعمان لأستاق ألفا من نوقه العصافير".

    النعمان يصف عنترة باللص الجرىء:

    فقال الملك حانقا: "بل أرى أعجت من الحمق والجنون، إنك رجل واحد تأتى من أقصى الأرض لكي تسوق إبلى، أكنت تحسب أنك تنجو سالما ؟ أكنت تحسب أن لن يرد كيدك أحد ؟ لأقطعن أعضاءك، ولأقذفن بك إلى حيث ينبغى لمثلك أن يلقى". فقال عنترة مبادرا: " كفكف (اصرف، وامنع،المراد أوقف) أيها الملك غضبك، فلست تأمن مثلى أن يرد عليك قولا بمثله. كيف أخشى وعيدك (تهديدك) وأنا فى يدك ؟ بل كيف تهدد رجلا تراه يرسف (يمشى ببطء) فى الأغلال (القيود) بين يديك ؟ إنه ليحق لى أن أعجب منك أيها الملك إذ ترانى فى أيدى حرسك ثم تهددنى (توعدنى، وتخوفنى)، ولو شئت أن أرد عليك قولا بمثله لكان مجال القول متسعا، فما كان ينبغى لمثلك أن تأتى بى إلى مجلسك، وتجمع هؤلاء الشيوخ حولك؛ لكى تهددنى بتقطيع أوصالى (مفاصلى، وعظامى) والمثلة (تشويه الجسد) بجسمى، فهل يمنعنى مانع أن أركب معك أوعر الوعر فى الخطاب، وأنا يائس من الحياة ؟". فاربدّ (تغير) وجة الملك وقال : "لص جرىء".
    فقال عنترة مندفعا : "بل مغير أتى يطلب عندك الغنيمة". فقال النعمان : "ألك ثأر عندى ؟ ". فقال عنترة: "بل جئت إليك كما قلت أطلب نوقك العصافير كما يطلب الأسد صيدا". فقال الملك ساخرا: "إنه لزهو أجوف (تفاخر، وتعاظم كاذب)، قل إنك جئت كما يجيء لص أحمق ".

    عنترة يرد على النعمان بشجاعة:

    فصاح عنترة: "بل أنا أحد هؤلاء العرب الذين يطلب بعضهم إبل بعض فى الغزوات، فما أنا أيها الملك، وما أنت، وما هؤلاء الشيوخ جميعا سوى عرب يترددون بين الأودية فى نجد وتهامة وهضاب الدهناء واليمامة، وكلهم يسلب ويغزو، لست باللص أيها الملك إذا لم تكن أنت لصا، وإذا لم يكن هؤلاء جميعا لصوصا. أليس هذا رد قولك ؟".
    فسرت غمغمة (كلام غير واضح) عالية من حول الإيوان وقال الملك فى غضب : "أقصر عن البذاءة (الفحش فى القول) لا أم لك، وحدثنى إذا لم تكن لصا.. فما شأنك؟ أبعثك أحد على عينا (جاسوسا) أم استأجرك بعض أعدائى ليتحدث الناس بجرأتك على فيغض (ينقص، ويحط) ذلك من قدرى (منزلى)؟ قل واصدقنى، ولك منى حياتك إذا صدقتنى".

    عنترة يفصح عن شخصيته للنعمان:

    فقال عنترة ساخرا: "لم أقدم على حماك وأنا حريص على حياتى، إنما جئت إليك لأستاق إبلك لنفسي، وما كنت لأتجرأ عليك من أجل أحد يسخرنى، وما كان مثلى ليدب (يمشى) إليك جاسوسا".
    قال النعمان ساخرا : "مثلك! ومن تكون إذا لم تكن أحد هؤلاء الصعاليك (الفتاكين) الذين لفظتهم القبائل لتيرأ من جرائرهم (شرورهم)، فلم تجد سبيلا لك إلا اقتحام المهالك، وإن فى وجهك الأسود لدلالة على صحة رأيى. من أنت أيها الأسود إذا لم تكن عبدا آبقا ؟".
    فقال عنترة فى حنق : "أما وقد ذكرت سوادى فاعلم أيها الملك ما يملؤك فزعا. ثم تضاءل فى نفسك ومر هؤلاء الشيوخ الذين ينظرون إلى بأعين تقدح الشرر (تشتعل غيظا) أن يتضاءلوا فى أنفسهم. أنا عنترة بن شداد"، فسرت ضجة فى الجمع، وقال النعمان فى صيحة : "عنتره ؟! فقال عنترة : "أنا عنترة بن شداد، فاشكر مناة على أنك استطعت أن تأسرنى. أنا عنترة الذى سمعت عنه، وعرفت من هو. إنك سمعت الكثير من خبرى فلا حاجة بى إلى أن أقص عليك حديثى".
    فمال النعمان إلى ظهر كرسيه، وقال باسما فى سخرية : "لو صدقت أيها الفتى، لسرنى أن أراك فى القيود أمامى؛ إنك كنت تفزع الضعفاء، وتقطع السبيل (الطريق)، وكانت القبائل تضج من اعتدائك. نعم، لو صدقت لسرنى أن أراك مقيدا أمامى، فقد دفعك الغرور إلى أن هممت باستباحة حماى وانتهاك حرمتى. وحق مناة لو كنت عنترة لقد سعيت إلى هنا لتلقى عقابك".

    النعمان يشكك فى حقيقة شخصية عنترة:

    فقال عنترة ضاحكا: "وهل على امرئ من عار إذا أخذ أسيرا؟ هل على من عار إذا أحاط بى الألوف من جيشك فأثخنونى بالجراح حتى استطاعوا الاقتراب منى ؟ لقد جدلت من أبطالك من جدلت، وشردت من شردت، وطاعنت حتى لم يبق فى يدى سنان ولا تحتى فرس".
    فقال النعمان فى حنق (غيظ): "إنك تملأ فمك بأقوال تزعم أنك أهل لها، أنت تزعم أنك عنترة، فمن لى أن أصدقك ؟ وما أحراك (أجدرك) أن تقول هذا كذبا لأجعل لك قدرا". فقال عنترة ضاحكا : "وهذه أخرى منك أيها الملك ما كان ينبغى لك أن تقع فى مثلها، فما الذى يحملنى على الكذب بأن أنتحل (أدعى) اسم عنترة وأنا أعرف أن هذا الاسم لا يحمل إلا عداوتك وكراهتك ؟ لقد كنت أطمع فى عفوك لو كنت بعض صعاليك العرب، فقد كنت جديرا أن تعفو عنى إعجابا بما رأيت من بلائى فى حربك. لقد كان ذلك يطمعنى فى عفوك لعلك تتخذنى سائر (باقي) الحياة من أعوانك، ولكنك تعلم أن عنترة لا يهب سيفه إلا لعبس، ولا يطمع فى النجاة من يد مللك يحمل له ذكرى مواقع أوقع فيها برعاياه وحلفائه، ولست أطمع فى النجاة وأنا أجبهك (أواجهك في صراحة) بقولى فى إيوانك وبين شيوخ قومك..".
    ثم اندفع كأنه ينشد قصيدة، فرفع رأسه وقال مباهيا (مفاخرا): "لكم كان لقومى من تارات (مدد، وأحيان) عندك وعند حلفائك ! لكم وطئنا بلاد طيئ ! وكم أخذنا من غنائم البحرين وهجر والعراق ! وكم أغرنا على قوافلك فى الحجيج ! لقد كنت أنا فى صدر الكتائب فى كل غزوة أحوز الغنائم، وأشتت الجموع".
    فقال الملك غاضبا وسط صخب الغيظ من حوله: "أتفخر على وتباهى بقتالى ؟ لقد كنت أطلبك أيها الشقي (التعيس) لأوقع بك العقاب، فانتظر ما تستحق منه، أتفخز على أيها الشقي فى مجلسى ؟". فقال عنترة : "إننى أذكر الحق منذ سألتنى، ولست أخشى أن تقتلنى، فكم قتلت من شجعانك، ولم أشعر بخلجة (حركة ، واضطراب) رحمة أو ألم فى فؤادى. لست أطمع فى الحياة، وأنا الذى أعرف هوان (ذل، المضاد عز) الحياة".

    نعمان يعتذر لعنترة:

    فقال الملك وهو يحاول أن يمسك نفسه : "لم أكن لأطيل معك الحديث لولا أننى عجبت منك وأردت أن أطلع على حقيقة أمرك، أليست عبس اليوم من حلفائى ؟ فما مجيئك إلي غازيا إذا لم يكن فى الأمر سر يخفى على فهمى ؟ أجئت تستزيد من الفخر بحربى ؟ أتريد أن تملأ فمك بأنك غزوت النعمان ؟".
    فقال عنترة فى هدوء: "لا أيها الملك، لم أرد بذلك فخرا". فقال النعمان : "إنك فتى خدعك الناس منذ أشادوا بك (أثنوا عليك) وتحدثوا عنك ورددوا شعرك، فحملك زهوك على أن تسعى إلى الأسد فى عرينه". فأجاب عنترة: "لكم سعيت إلى الأسود فى عرائنها (بيوت الأسد)! ولكنى أيها الملك لا أطمع إلى حديث الناس عنى؛ فإنه لن يجدينى (ينفعنى، ويفيدنى، المضاد يضرنى) اليوم شيئا".
    فقال النعمان فى مرارة: "ألم يجدك حديث الناس شيئا؟ ألم يلحقك أبوك بعبس بفضل هذه الأحاديث ؟ ألم تكن لولا تلك الأحاديث عبد شداد وابن زبيبة ؟ ". فقال عنترة فى دفعة: "أتأمن أن أذكر أمك أيها الملك وأنت تذكر أمى ؟". فعادت الغمغمة الحانقة إلى الجمع حتى رفع النعمان يده عابسا يهدئ الناس، ثم قال : "لا بأس عليك يا عنترة، فإنها فلتة (هفوة غير مقصودة) منى، وما كان ينبغى لى أن أقولها، اغفر لى يا عنترة فإنها سقطة منى ..".
    فتحرك عنترة فى تأثر وقال له الملك فى لين : "قل لى يا عنترة فيم أتيت إذا لم ترد فخرا، فهل يبيت قومك عداوتى، فبعثوك لتثير الحرب معى ؟".

    سبب مجيء عنترة إلى الحيرة:

    فقال عنترة: "لا أيها الملك إن قومى لا يعرفون أين مكانى، وليس بهم حرص إلا على مودتك (محبتك) وطاعتك". فقال النعمان : "إنك أيها الفتى تحيرنى: هل أنت مخبرى عن أمرك ؟ أم هو سر لا ينبغى لك أن تطلعنى عليه ؟ أما تطلعنى على الحق ليستقر عليه رأيى ؟". فقال عنترة مترددا: "أما وقد أبيت إلا أن تعرف الحق فإنى مفض (متحدث، المضاد ساكت) به إليك أيها الملك، ما أتيت إلا لأطلب مهر ابنة عمى".
    فقال النعمان فى دفعة : "عبلة !". فقال عنترة: "نعم عبلة أيها الملك". فتبسم النعمان، ومال على كرسيه مرتاحا وقال : "ولم تجد مهرها إلا من إبلى!". فقال عنترة : " وأنى لى أن أجد النوق العصافير إلا فى مسارحك (مراعيك)؟ هكذا أغلى أبوها المهر، وما أشد حرصى على أن يكون مهرها غاليا!". فقال النعمان : " وتأخذ مهرها على رغم أنفى ؟". فقال عنترة: "لم أعتد أيها الملك سؤالا". فقال النعمان: "ولو طعنك أحد هؤلاء طعنة نفذت فى ظهرك، ودقت عظام صلبك (ظهرك)؟!" فقال عنترة: "ما كنت إذا سوى أحد من يقتلون فى الحروب". فقال النعمان فى سخرية : "أما كنت تخشى حزن عبلة ؟".
    فقال عنترة فى غضب : "لو غيرك قالها أيها الملك ؟ ". فقال النعمان : "لا أريد أن أغضبك، فقل ولا تحجب (تحول، وتمنع) عنى شيئا، لقد قلت فى خطابك لى ما لم يجرؤ أحد على قوله، فقل ولا تحجب عنى شيئا". فقال عنترة: "لست أطلب سخطك، ولكنى لا أباليه (لا أهتم به)". فقال النعمان مترفقا (لينا): "إنما أردت أن أعرف مقدار حبك لها، لقد تحدث الناس عنك وعنها حتى أحببت أن أسمع منك حديثها".

    النعمان يعجب بحديث عنترة عن عبلة:

    فأطرق عنترة حينا ثم قال: "أما وقد أردت أيها الملك أن أحدثك عن عبلة، فإن اسمها ليحلو لى إذا سمعته حتى لأحدث به نفسى لأسمعه خاليا. إنها أيها الملك أعز علي من حياتى، وأحب إلى من جوارحى، ولو كانت حياتى تدفع عن عينها دمعة لجدتُ بها راضيا، ولو اعترضتنى النيران لخضتها فى سبيل تلبية كلمة منها. صورتها لا تزال تؤنسنى، ونغم حديثها ما يزال يتردد فى أذنى. لا أعرف خيرا إلا ما ترضاه، ولا شرا إلا ما تخشاه أو تأباه (ترفضه، المضاد تقبله، وتوافق عليه)، ليس في الحياة جمال عندى إلا إذا كان فيه منها شبه. ولو طويت لى الأرض لما كان فيها شيء يكافئ رضاها. ولو طأطأت (انخفضت، وانحنت) لى السماء حتى تناولت نجومها لأهديها إليها لوجدت ذلك دون قدرها".
    وكان النعمان يسمع حديثه مأخوذا (متعجبا، ومندهشا) فى دهشة مقبلا عليه بسمعه وبصره، فلما فرغ من حديثه قال له فى ارتياح : "إنك تتحدث عنها حديثا عجبا، لقد سمعت شعرك فيها، ولكن قولك هذا أبلغ من الشعر وأطيب وقعا (تأثيرا)". فقال عنترة فى حماسة: "هذا أيها الملك وصف اللفظ، وليس اللفظ سوى آلة ينقل بها الناس ما اعتادوا أن يحسوه من خسيس (قليل) المعانى، إلا أن ما أحسه فى نفسى لعبلة يضيق عنه اللفظ، فهو ظل حائل وصدى فاتر، لا يصف حقيقة ما أحمله لعبلة ".

    العفو عن عنترة:

    فقال النعمان بلين: "إذا فقد جنت تطلب مهر هذه الفتاة التى شغفت بها (أولعت بها، وأحببتها) فنظر عنترة إليه كأنه يريد أن يتبين ما يقصده بقوله، خاشيا أن يكون قد عاد إلى سخريته. وأدرك النعمان ما يدور فى نفسه، فقال مبادرا: "أتحب أن تعود بالنوق العصافير من بابى ؟". فعاد الهدوء إلى عنترة، وقال كأنه يحلم: "إذا لبقيت لك أبد الدهر شاكرا". فالتفت النعمان إلى رجل واقف عند رأسه، وقال له: "خذ عنترة معك يا أبا الحارث، وامض به إلى بيتك وفك عنه القيود؛ فهو ضيفى". والتفت إلى عنترة قائلا: "واغدُ على أول شيء فى الصباح يا عنترة".
    فنظر عنترة إليه متأثرا، وصاح باسطا (مادا) يديه: "أيها الملك، أيها الملك، لقد غمرتنى (غطيتى بفضلك)". ثم طوى نفسه، وأطرق وأدار وجهه، وسار يسحب قيوده وأبو الحارث يسير من ورائه يساعده على المسير.

    مناقشة الفصل الثالث عشر من قصة عنترة بن شداد

    لماذا خرج عنترة إلى أرض العراق ؟
    ليحصل على النوق العصافير والتي لا توجد في قبائل العرب إلا عند الملك النعمان ملك الحيرة .
    اذكر صفات النوق العصافير .
    صفات النوق العصافير : 1 - بيضاء مثل وعول الجبال .
    2 - خفيفة كالغزال . 3 - طيبة الألبان كالبقر 4 - حلوة المنظر كالمها .
    5 - طيبة اللحم كأنها الحملان .
    ما الصورة التي كانت لا تفارق عنترة وهو في طريقه إلى العراق ؟
    صورة محبوبته عبلة .
    ما الذي كان يحس به عنترة كلما فكر في المخاطر التي يتعرض لها في سبيل الحصول على مهر عبلة ؟
    أحس بسعادة كبرى وذلك لأنه كان يشعر أنه يقتحم مجداً جديداً يسمو به إلى الحبيبة التي كان لا يرى في الحياة شيئاً يستحق أن يحرص عليه إلا حبها .
    ما شعور عنترة عندما كان يلمس بكفه اليسرى موضع التميمة التي أعطتها له عبلة ؟
    كان يشعر كأن روحاً تسرى فيه فتهزه وتملؤه قوة .
    لماذا لم يستطع عنترة الحصول على النوق العصافير عندما وصل إلى مراعى الملك النعمان ؟
    لأن رجال الملك وجنوده حاصروه واشتبكوا معه حتى خر صريعاً من على ظهر حصانه بعد قتال مرير .
    ماذا فعل شيبوب عندما رأى عنترة محاصراً بجنود الملك ؟
    فر هارباً متجهاً إلى قبيلته معتقداً أن عنترة قد مات .
    كيف أُدْخِلَ عنترة على الملك النعمان ؟
    أُدْخِلَ وهو مقيد في سلاسله حيث كان شيوخ بكر وتغلب يجلسون حول مجلس الملك .
    كيف رد عنترة على الملك النعمان عندما هدده الملك ؟
    رد عليه عنترة في شجاعة وثقة امنع غضبك أيها الملك فلست تأمن مثلى أن يرد عليك قولاً بمثله فكيف أخشى وعيدك وأنا في يدك ؟
    ماذا كان رد عنترة على الملك النعمان عندما سأله عن سبب مجيئه إلى أرضه؟
    قال له عنترة أتيتك مغيراً أطلب عندك الغنيمة وأستاق ألفاً من النوق العصافير .
    ماذا كان رد عنترة على الملك النعمان عندما اتهمه بأنه لص ؟
    قال له : لست باللص أيها الملك إذا لم تكن أنت لصاً وهؤلاء جميعاً لصوص .
    بم َافتخر عنترة أمام الملك النعمان ؟
    افتخر بشجاعته حيث كانت له صولات وجولات في الانتصار على قوافل الملك النعمان في الحجيج .
    لماذا اعتذر الملك النعمان لعنترة ؟
    لأنه ذكره بأمه زبيبة .
    ما الحقيقة التي صرح بها عنترة للملك النعمان .
    الحقيقة هي : أنى ما أتيت إلى ديارك إلا لأطلب مهر ابنة عمى عبلة وهو ألف من النوق العصافير .
    وضح سر إعجاب الملك النعمان بعنترة .
    سر إعجاب الملك النعمان بعنترة هو شجاعة عنترة وصراحته معه وما أظهره من حبه الشديد لعبلة .
    كيف عبر عنترة عن حبه لعبلة أمام الملك النعمان ؟
    قال عنترة للملك النعمان : إنها أعز علي من حياتي وأحب إلى من جوارحي ولو كانت حياتي تدفع عن عينها دمعة لبذلتها راضياً ولو اعترضتني النيران لخضتها في سبيل تلبية كلمة منها .
    ما الذي قرره الملك النعمان بعد أن سمع حديث عنترة ؟
    قرر العفو عنه بأن طلب من أحد رجاله وهو "أبو الحارث" أن يأخذ عنترة إلى بيته ويفك قيوده .

    ***

    والآن جاء دوركم أحبابي. شير لكل الأصدقاء حتى تعم الاستفادة للجميع. خالص دعواتي بالتوفيق.

    أحدث أقدم